كيف تفاعلت الساحة الشعبية والرسمية مع “صفعة” المدرس؟
عندما كان المدرسون في وقفتهم الاحتجاجية يوم الخميس الرابع عشر من نوفمبر، تقدم إلى حمَلة الطبشور، عدد من السادة الشرطيين يلوح الوقار من بعضهم ويتخلل الشيب شعور بعضهم، وكان من بينهم -بالطبع- شباب.
يتطور الموقف ويلتحم حملة الطبشور وحفَظَةُ الأمن، وينفتح مشهد على اقتياد أحد المدرسين إلى سيارة الشرطة، وعلى بعد ثوان ينكشف مشهد آخر عن مدرس ملقى على الأرض، وآخرين يدفعون إلى الخلف.
لم تلتقط أغلب الكاميرات “الصفعة” لكن التقطتها الألسن وطار الحديث بها فملأ وسائط التواصل الاجتماعي.
ساعات بعد الحادثة، ويصدر بيان عن نقابة المديرين تدين “الصفعة” وتدعو لتوقف عن التدريس ابتداء من الساعة الثامنة والنصف من يوم الجمعة.
وبالتزامن مع البيان دخلت بضع وثلاثون نقابة في اجتماع استمر عدة ساعات أكد قرار نقابة المديرين من حيث الإدانة، إلا أنه عدل يسيرا على موعد بدء التوقف فحدد له الساعة التاسعة.
فعلا نفذ المدرسون التوقف، وكانت الاستجابة عالية جدا، و وثق بعضهم مظاهراته بوضع اليد على الوجه في إشارة إلى الألم من تلقي الصفعة بدلا من التكريم على جهدهم في تربية النشء.
رسميا، وجدت الحادثة صداها على أعلى مستوى، والحديث هنا عن رئيس الجمهورية، حيث ورد في بيان لوزارة الداخلية أنه “في إطار الحرص الدائم لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني على تعزيز الثوابت التربوية والمضي في التأسيس لما يخدم صرح المدرسة الجمهورية بكل أبعادها، وعلى إثر الحادثة التي سجلت يوم الخميس 14 نوفمبر، بساحة الحرية بانواكشوط، فقد وجه فخامته بفتح تحقيق فوري حول ملابسات هذه الحادثة”.
وأكدت الداخلية أنه “تنفيذا لتعليمات صاحب الفخامة اجتمع معالي وزير الداخلية و ترقية اللامركزية و التنمية المحلية السيد محمد أحمد ولد محمد الأمين مساء اليوم الجمعة 15 نوفمبر في مقر الوزارة بمسؤولين من وزارتي: الدآخلية و ترقية اللامركزية و التنمية المحلية، و التربية و إصلاح النظام التعليمي، بهدف التبادل حول السبل الكفيلة بالتوصل إلى حقيقة الحادثة و ملابساتها”.
وأفضى اجتماع الداخلية إلى تشكيل لجنة، ستعمل ليل نهار، خلال عطلة الأسبوع الحالية، تضم كلا من:
-المفتش العام لوزارة الداخلية وترقية اللامركزية والتنمية المحلية
-المفتش العام لوزارة التربية و إصلاح النظام التعليمي.
-المدير العام المساعد للأمن الوطني
– ممثلين عن النقابات
و كلفت هذه اللجنة، و على الفور، بالشروع في فتح تحقيق حول ملابسات و حيثيات الحادثة،تصدر على إثره تقريرا مفصلا، إحقاقا للحق و إنارة للرأي العام و انسجاما مع ما يخدم المصالح العليا للوطن، انطلاقا من القوانين و النظم المعمول بها في البلد.
كما أعلنت وزيرة التربية وإصلاح النظام التعليمي السيدة هدى باباه تضامنها التام مع المعلمين، مؤكدة لهم حرص الحكومة على صيانة كرامتهم، وضمان حقوقهم، ومحاسبة كل من يتطاول عليهم.
ودعت بنت باباه “كافة المدرسين والمؤطرين والفاعلين التربويين إلى التكاتف والوقوف صفا واحدا لإنجاح سياسة الحكومة الرامية إلى إصلاح التعليم، والتي تعتمد المدرس كركيزة أساسية لهذا الإصلاح”.
وعلى المستوى الشعبي سال حبر كبير، نثرا، وشعرا: فصيحا وعاميا، ينتقد الواقعة التي تعرض لها الأمين العام للنقابة الوطنية المستقلة للمعلمين، الذي هو في الوقت نفسه مدير مدرسة.