واد الناقة اليوم

أول موقع يجمع بين أخبار المقاطعة والوطن

أخبار وطنية مقالات

الخارطة السياسية : اترارزة (3) / سيد احمد ولد مولود

 ا
نبدأ بمقاطعة واد الناقة، ونقوم بجرد للقبائل والمجموعات الناشطة في المجال السياسي، والشخصيات المؤثرة في العملية الانتخابية ومكاتب التصويت في المقاطعات والبلديات والقرى التابعة لها.
تنشط في مقاطعة واد الناقة – التي نتعرض لها هنا بالتفصيل – مجموعات : تاكنانت، وإديقب، وتندغة، ولعلب، ولمزازكه، وأهل صلاحي، وأولاد شاغ حيبلل، وأولاد ديمان، وإدوداي، موزعة بين بلديات العرية، وواد الناقة، والخط.
تاكنانت
تتوزع المجموعة بين بلدات إديني (أولاد باي)، والربينة (أولاد يحي وأهل الطالب ألمين)، وإيجناون (انكرده)، والميمون (أهل يحظىه ولد عبد الودود)، والتوفيق (أهل الطالب ألمين)، وفاو وبير الدرجة (إدب امغر)، وبتيشطاي (أولاد المولود)، والغشوات (أولاد امحمد من أولاد المولود)، وبير البركة (أولاد بخطار).
الجماعات التي تتولى السياسة ليست بالضرورة هي التي تتولى الشأن الاجتماعي، فهنالك فصل واضح لدى المجموعة بين الأمرين. فعندما يتعلق الأمر بالتكافل الاجتماعي، يكون التمثيل على المستوى الأسري بعيدا عن السياسة. وإذا تعلق الأمر بالسياسة، تتخذ الأمور مجرى مختلفا، تتحكم فيه التوجهات والتحالفات المختلفة.
عرفت المجموعة ثلاثة أجيال من السياسيين، فالجيل الأول أو جيل الأجداد هو الذي واكب نشأة الدولة بعيد الاستقلال، وهو جيل من الوجهاء والموظفين وأعوان الإدارة، أغلبهم في مجال التعليم والقضاء، كأبناء هدال : سيدي، ومحمد سالم، ولمرابط، ومحمد سيديا مؤسس مدرسة إديني، وهو الذي تزعم التيار الداعم لتمدرس الأبناء في فترة واجهت فيها المدرسة معارضة شديدة، وكان يبذل مجهودات مضنية من أجل إقناع الأمهات بمشروعه التنويري، إذ قال لأحداهن مرة : “إن لم تلحقي أبنائك بالمدرسة فستجدينهم في المستقبل عمال منازل (بَيَّاتْ).”
تلك المدرسة هي التي كانت أول محطة في المسار الدراسي لأبناء المجموعة الذين كونوا الجيل الثاني.
ومن هذا الجيل أيضا أبناء حي: إمام، وخليه، وسيدي، والتماني، ومحمد سالم (السالم)، وأبناء محمد عبد الله ولد الحسن : إنجيه، ومحمد سالم، وأبناء امود : الحسن، ولمام، وسليمان ولد العتيق، ومحمد سالم ولد التقي، ومحمد ولد بدّيوه، ، وأبناء لولي : محمد يحي، وخليه، وأبناء ديدي : محمد سالم، ومحمد عبد القادر، إذ كان الأول وزيرا في عهد ولد هيدالة، والثاني سفيرا له في تونس ثم مصر.
وعاصر هؤلاء أو سبقهم تجار ورجال أعمال شاركوا في فترة التأسيس منهم : الداه ولد أحمد بسات، ومحمد المختار ولد والد الذي استقبل في منزله جماعة 16 مارس عشية انقلاب 1980.
أما الجيل الثاني فهو جيل الآباء، تكون في مدرسة إديني، وبعدها حركة الكادحين، ثم واكب التحول الديمقراطي فترة حكم ولد الطايع.
أولاد باي، هم أكثر بطون المجموعة اهتماما بالسياسة منذ نشأة الدولة الحديثة بعيد الاستقلال إلى اليوم. فقد انخرط جل شبابهم مبكرا في حركة الكادحين المعارضة مطلع سبعينيات القرن الماضي، وتقلدوا فيها مناصب قيادية.
وعاشت المجموعة – في تلك الأثناء – أياما عسيرة، بسبب تشرد أبنائها جراء القمع من جهة، والجفاف الذي حطم البنية الاقتصادية التي كانت تعتمد أساسا على الثروة الحيوانية، من جهة أخرى.
وبعد ذلك نهج النظام سياسة انفتاح واسعة، واتخذ قرارات سيادية هامة، كمراجعة الاتفاقيات مع فرنسا، وإنشاء العملة، وتأميم ميفرما، فانقسمت الحركة إلى تيارين : أحدهما معارض والآخر داعم للنظام؛ فتوزع الناشطون من الحركة بين التيارين اللذين احتفظ أولهما بالخط اليساري الأصلي للحركة الوطنية الديمقراطية MND، بينما اعتمد التيار الأخر خطا أقرب إلى اليمين تبنته جماعة الميثاقيين.
أدت المصالحة إلى إطلاق سراح السجناء، وفتح الباب أمامهم للمشاركة في الحياة العامة. فمنهم من أعتزل السياسة، ومنهم من عاد إلى الدراسة أو اتجه إلى التوظيف. وقد شهدت البلاد أيامها نهضة كبيرة، سياسية وثقافية واقتصادية، لكنها لم تدم طويلا بسبب حرب الصحراء.
المنخرطون من المجموعة في حركة الكادحين والمناصرون لها، سلكوا سبلا مختلفة.
عاد محمد المامي ولد لبات إلى المجال المهني، وعمل مديرا للأشخاص في شركة ساميا، ومعه صديقه محمد عبد الله ولد ديدي، كما اتجه بدّن ولد عابدين، ويحفظو ولد هدال، ومحمد يحي ولد حي، والسالكة بنت اسنيد، إلى العمل في مجال الصحافة، ومعهم المرحوم محمد سالم ولد العتيق الذي كان من أبرز قادة الحركة، بينما انخرط شقيقه محمد يحي في المجال التجاري.
وعاد محمد لمين ولد عابدين (الثمين)، ومحمد يحي ولد ديدي، ومحمد عبد الله ولد هدال وشقيقه التاه، إلى الدراسة في نواكشوط وداكار.
محمد عالي ولد دياهي اعتزل السياسة، واتجه مباشرة إلى العمل في الشركة الوطنية للصناعة والمعادن اسنيم، ثم إلى اتحاد أرباب العامل.
محمد الحسن ولد لبات والمختار ولد حي توجها إلى المدارس المهنية، فالتحق الأول بالمدرسة العليا للأساتذة، وعمل أستاذا لفترة وجيزة قبل أن يتفرغ للدراسة في داكار، ثم تولوز في فرنسا، بينما التحق الثاني بالمدرسة الوطنية للإدارة وعمل بالسلك الدبلوماسي.
كان ولد حي قد جمد عضوية في الحركة، بينما ساهم ولد لبات – ضمن جماعة من رفاقه في النضال – مع ولد داداه في إدارة شؤون البلاد قبيل حرب الصحراء، وشارك في التفاوض السري مع جبهة البوليزاريو الرامي آنذاك إلى إيجاد حل سلمي.
وبعد ذلك عاد غالبية أطر المجموعة إلى العمل السياسي في عهد ولد الطايع مع بداية النظام الديمقراطي مطلع التسعينيات، فبرز الثنائي محمد المحسن ولد لبات والمختار ولد حي في دعم النظام، حيث ترأس ولد لبات لجنة الأخصائيين القانونيين المكلفة بإعداد الدستور، دستور 92 الحالي، وهو آنذاك رئيسا لجامعة نواكشوط قبل توليه حقيبة الخارجية، وعمل ولد حي في الحكومة وزيرا للتعليم، في حين شغل شقيقه أحمد يوره منصب الأمين العام لوزارة التنمية الريفية، كما انخرط شقيقهما محمد سالم في المجال الدبلوماسي.
عاد محمد عالي ولد دياهي للسياسة في تلك الأثناء، حيث فاز بمنصب عمدة تفرغ زينة بدعم من أرباب العمل، وحصل أيضا على دعم قوي من المجموعة مكنه بعد ذلك من الفوز بمنصب نائب لمقاطعة واد الناقة، منصبه خلفه فيه الداه ولد باباه.
كما تقلد محمد يحي ولد حي وظائف سامية في مجال الإعلام كإدارة الإذاعة، والتلفزيون، مكنته من المشاركة السياسية الفاعلة في المجموعة، وحافظ على توجه داعم للنظام الحاكم من عهد ولد الطايع إلى اليوم، كما تقلد شقيقه عبد الله السالم وظائف سامية في وزارة الداخلية.
وتبوأت جليت بنت محمد سديا مناصب رفيعة في قطاع شؤون المرأة، ثم إدارة السجون.
وقد برز المحامي عبد القادر ولد حماد مع مرشح المعارضة أحمد ولد داداه، وتولى إدارة حملته 92 في الداخل.
أما دبّه ولد هدال الذي يشغل الأن منصب إدارة الصندوق الوطني للضمان الصحي كنام وقبلها سونمكس، فكان ناشطا هو وشقيقه المختار في حزب التكتل المعارض، قبل إن يلتحق مؤخرا بالنظام.
وسار على نهجه في ذلك بلال ولد ورزك الذي كان من أبرز قادة التكتل، وهو الآن مقرب من ولد عبد العزيز الذي صرح في مؤتمر صحفي أنه استشاره في مسألة الجدل القانوني حول المادة 38 المتعلقة بالتعديلات الدستورية الأخيرة.
من هذا الجيل المرحوم محمد عالي ولد زين الذي كان من القادة المؤسسين للحركة الإسلامية، وكان مديرا للأوقاف في أواخر الثمانينيات.
أما الجيل الثالث هو الجيل الحالي أو جيل الأبناء، نشأ في محيط خال من الطرح الأيديولوجي، إلا ما تعلق منه بالحركة الإسلامية التي استقطبت قاعدة شعبية معتبرة من الشباب لأسباب دينية أو اجتماعية.
يتوزع الجيل الحالي إلى تيارين كبيرين : تيار داعم للنظام ولا يستند إلى أي طرح أيديولوجي معروف، وتيار منخرط في حزب تواصل على مستوى القاعدة، وليست لديه مواقع قيادية عليا في الحزب، لا على المستوى الوطني أو في التيار الإسلامي على المستوى العالمي.
يتقلد العديد من أطر التيار الداعم للنظام وظائف حكومية سامية تمكنهم من امتلاك وسائل الفعل السياسي، والتأثير على الساحة في نواكشوط وواد الناقة. فمن هؤلاء ميمونة بنت التقي الوزيرة الحالية لشؤون المرأة بعد أن كانت نائبة في البرلمان، ومنهم الحسن ولد إنجيه مدير المركز الوطني للسياسات، ومنهم محمد ولد ديدي الذي شغل عدة مناصب في المجال المالي أيام ولد الطايع وفي الفترة الانتقالية، فتولى إدارة الميزانية ثم الخزينة العامة، ثم البريد، لكنه لم يعد يظهر اهتماما كبيرا بالشأن السياسي، ويستثمر في مجال الأعمال.
من هذا الجيل أيضا، سياسيون خرجوا عن التيارين، وسلكوا طريقا متأرجحا بين المعارضة والموالاة. فمن هؤلاء محمد الحسن ولد محمد المامي ولد لبات الذي يلتبس اسمه في بعض الأوساط الأمنية مع اسم عمه من جيل الآباء، وكان ناشطا في حركة ضمير ومقاومة ذات التوجه اليساري المعارض، إلى جانب محمد لمين ولد الداده الذي ظهر مع ولد عبد العزيز بقوة في بدية أمره، وكان مفوضا لحقوق الأنسان، وهو الآن مستشار لرئيس الجمهورية.
ومنه الأستاذ يحفظ ولد محمد يوسف الذي كان عضوا في المجلس العلمي لجامعة نواكشوط، ثم رئيسا للمحكمة العليا من 2012 إلى 2017 ، ويعمل الآن شقيقه سيد محمد في السلك الدبلوماسي مستشارا بالسفارة الموريتانية في الكويت.
من هذا الجيل أيضا المختار السالم ولد التقي العمدة الحالي لمقاطعة واد الناقة، الذي أصبح الرقم الأول في المعادلة السياسية لواد الناقة؛ كان قد فاز بمنصب العمدة من خلال حزب التكتل المعارض، ثم انضم إلى الحزب الحاكم، ورفض الانصياع لأوامره في الانتخابات الأخيرة، وترشح ضده تحت راية حزب تواصل، وانتصر علية بدعم قوي من المجموعة والتيارات المعارضة، إضافة إلى القاعدة الشعبية التي يتمتع بها في المقاطعة من شتى المجموعات.
انتخابات أربكت القائمين على الشأن السياسي، وغيرت الخارطة السياسية للمقاطعة؛ حيث حطم الحزب الإسلامي تواصل كبرياء الحزب الحاكم، وانتزع منه مقعدي البرلمان، والعمدة المركزي لمقاطعة واد الناقة، دفعة واحدة.
يعتمد الحزب الحاكم تقليدا في توزيع المناصب الانتخابية بين مجموعات : تندغة، وتاكنانت، ولعلب، وتاشمشه، على نحو يراعي التوازنات، والتحالفات القائمة بين تلك المجموعات، وقدرتها على مجابهة المعارضة المشاركة في الانتخابات.
وتتريث المعارضة دائما في اختيار مرشحيها لتستفيد من الهزات الارتدادية، وردَّة الفعل الغاضبة من اختيار الحزب الحاكم لمرشحيه.
طلب الحزب قبيل الانتخابات من المجموعات المحلية تقديم مرشحيها لاستحقاقات البلدية والنيابية، فقدمت مجموعة تاشمشة المتكونة من أولاد ديمان، وإدوداي، وإيديقب، وأهل صلاحي، وأولاد اشفغ حيبلل، أحمد كوري ولد امينة مرشح المجلس اليعقوبي لمنصب نائب، وقدمت تاكنانت جمال ولد اليدالي لمنصب النائب الثاني، واقترحت مجموعة لعلب أحمد ولد محمد ولد ملاي لمنصب عمدة المقاطعة الذي رفض ولد التقي التنازل عنه. وكان مقعد الشيخ حينها من نصيب تندغة.
ولما أعلن الحزب قائمة المرشحين بيومين فقط قبل انتهاء أجل تسليم اللوائح، حدثت الأزمة بين ولد التقي ومناصريه مع الحزب الحاكم، واستفاد تواصل من ذلك، وراجع قائمة مرشحيه على أساس الوضع الجديد، فرشح الثنائي أحمد ولد السيد من مجموعة تندغة ومحمد عبد الرحمن ولد باباه من مجموعة تاكنانت للبرلمان، وولد التقي لمنصب العمدة، فضمن بذلك دعم القوتين الكبيرتين : تندغة وتاكنانت، إضافة إلى القاعدة الشعبية للحزب في المجموعات الأخرى؛ فمالت الكفة لصالحه.
هكذا حافظت المجموعة على نصيبها من المناصب الانتخابية للمقاطعة: نائب، وعمدة. خلف ولد التقي نفسه في منصب العمدة، وصعد ولد باباه مكان ولد اليدالي في البرلمان. ولديها أيضا منصب حزبي يحسب دائما في المعادلة السياسية للمقاطعة، ألا وهو الأمين الفدرالي للحزب الحاكم وهو محمد عبد الحي ولد مولود (أولاد يحي).
نصيب يعكس الأداء والوزن السياسي للمجموعة في مقاطعة واد الناقة.
الوزن
تاكنانت هي القوة السياسية الأولى في مقاطعة واد الناقة، ولديها وجود معتبر في مقاطعة تفرغ زينة بالعاصمة نواكشوط، وإذا ما أردنا قياس الوزن الحقيقي للمجموعة في ولاية اترارزة أو على المستوى الوطني، فلا بد أن نأخذ بعين الاعتبار أمورا منها حجم المشاركة الاقتصادية في المجال التجاري، والامتدادات الثقافية والروحية، والمشاركة على المستوى الإقليمي والدولي.
فهنالك طبقة صاعدة من رجال الأعمال تنشط في مجال التجارة العامة كالدهاه ولد إسلمو، والدهاه ولد اليدالي، وأبناء والد، وأبناء المهاب، والثمين ولد عابدين، وأبناء الصبار، والناجي ولد بكاه، ومحمد ولد أحمد سالم، وآخرون.
ولدى المجموعة امتدادات ثقافية مع قلاع علمية أصيلة كمحظرة أهل يحظيه ولد عبد الودود في الميمون، ومحظرة أهل عدود في أم القرى التي ظل الحسن ولد زين من أبرز مرجعياتها العلمية، ولديها ارتباطات روحية مع الشيخ سيد محمد التاكنيتي، والشيخ محمد عبد الحي المجلسي مؤسس الطريقة الصديقية.
وهنالك التمثيل على المستوى الدولي، حيث يتقلد العديد من أبناء المجموعة مناصب سامية، منهم إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الخاص للأمم المتحدة في اليمن، ومحمد الحسن ولد لبات المستشار السياسي الخاص لرئيس الاتحاد الأفريقي، ومحمد عالي ولد دياهي في المنظمة العالمية للشغل، والتاه ولد عبد الرحمان في منظمة الطيران آسيكنا.
لكن القوة الأساسية التي تعتمد عليها المجموعة في المستقبل هي النسبة العالية للتمدرس. نسبة تفوق المعدل الوطني بكثير، أثمرت كفاءات علمية وفنية عالية متخصصة في الطب، والهندسة، والرياضيات، أمثال : البروفسور في الطب محمد سالم ولد محمد سيديا في فرنسا، وفطمة بنت عبد القادر ولد حماد الأخصائية في الجنيكولوجيا، وبنين بنت الحسن ومحمد فال ولد هدال في الانكولوجيا، وملاي ولد حامدن في السكري، ، وبننه ولد عبد الله السالم في القلب، والسالمة بنت امود في الرياضيات، ومحمد يحظيه ولد مولود في الفيزيا .. وآخرون غير منخرطين في العمل السياسي، وإنما يحسب لهم فيه حساب.
هذا بالإضافة إلى الطبقة الصاعدة من الأطر الشباب في سن التكوين، لا يمارسون السياسة في الوقت الراهن من جيل الأحفاد، ويعوَّل عليهم كثيرا في تحديد وزن المجموعة غدا في المجتمع.
إديقب
تتوزع المجموعة اليعقوبية في مقاطعة واد الناقة على عدة قرى وفق البطون. الأعمام في قرية العكبه، وأهل اتشغ المختار في تيفريت، ولخوال عند افكيرين، وأهل المبارك عند أم القرى، وأهل اتشغ موسى عند انتفاشيت، أهل محمذن محمود وأهل لالي في طيبة، وأولاد الحسين عند الصفا، وأهل محمذن أحمد في تن يحي.
تتولى إدارة شؤون السياسة جماعات من الأطر والموظفين الكبار تمثل جميع البطون بشكل متقارب. لا تتفق المجموعة على قيادة موحدة توكل إليها أمور السياسة. الجماعات التي تحرك الشأن الاجتماعي والخيري هي ذاتها التي تسعى إلى التمثيل السياسي.
فقد تولت الجماعة المعروفة باسم “المجلس اليعقوبي” إلى عهد قريب مهمة تمثيل القبيلة في الأمور الاجتماعية، كالتعازي، ومواساة المرضى، والأعمال الخيرية. وكان المجلس يسعى أيضا إلى توجيه العمل السياسي وفق متطلبات السلطة الحاكمة، وذلك ما أدى – في بعض الأحيان – إلى تجاذبات قوية مع مجموعات شبابية ذات التوجه المعارض. حدث ذلك – على سبيل المثال – عندما رشحت المعارضة محمد لمين ولد محمد موسى ضد ولد أغربط مرشح الحزب الحاكم في بلدية توجنين. ويحدث دائما مع الناشطين من المجموعة – وهم كثر – في حزب تواصل، عندما تتعارض توجهات الحزب مع اختيارات النظام.
يحظى المجلس منذ تأسيسه إلى اليوم بدعم ورعاية رجل الأعمال أحمد سالك ولد ابوه وابنيه : اشبيه، ومحي الدين، ويتولى الأخير الآن تدبير شؤون الجماعة بالتنسيق مع الشيخ ولد ملعينين المرشح المحتمل لرئاسة المجلس.
لا نقول إن المجلس اليعقوبي هو الممثل الوحيد للمجموعة لدى الدوائر العليا للسلطة؛ فهنالك جماعات فتحت قنوات خاصة بها مع النظام الحاكم. فرع أهل محذن محمود غير ممثل في المجلس منذ تأسيسه إلى اليوم، ونجد الشيخة الرفعة بنت الشيخ الحسن، وهي من أبرز الداعمين من المجموعة لولد عبد العزيز، تمارس العمل السياسي بشكل مستقل عن المجلس.
كما أن رجل الأعمال محمد ولد الجيلاني القاطن في نواذيبو لديه قاعدة انتخابية في طيبة تخوله المشاركة السياسية في المقاطعة، إضافة إلى دوره التمثيلي للولاية في مكتب اترارزة بمدينة نواذيبو.
وقد ظهرت في الآونة الأخيرة جماعات من الأطر والشباب من مختلف البطون، تسعى إلى إعادة ترتيب البيت الداخلي على أسس جديدة، بهدف الرفع من الأداء السياسي للمجموعة في تعاطيها مع النظام الحاكم.
ومن أكبر المشاكل التي واجهت المجموعة في الآونة الأخيرة مع النظام، هي مشكلة الأضرار الناجمة عن الروائح المنبعثة من مكب القمامة قرب قرية تيفريت، حيث أدت المواجهة مع الهيئة الحضرية في نواكشوط (المسئولة عن المكب) إلى انقسام عميق لجماعة تيفريت، وإلى زيادة التذمر داخل المجموعة من الوضع، وإلقاء اللائمة على القيادات السياسية المشاركة مع النظام في تدبير الشأن العام.
المشاركة
تقلد العديد من أطر المجموعة وظائف سامية في الدولة مكنتهم من المشاركة السياسية على المستوين المحلى والوطني.
فقد شغل محمد ولد معاوية وظيفة وزير الداخلية خلال الفترة الانتقالية، وأمينا عاما لعدة وزارات في عهد ولد الطايع، كما عين محمد المختار ولد اياهي أمينا عاما لوزارة التوجيه الإسلامي، ثم سفيرا في السنغال، وبعدها الإمارات العربية المتحدة، ثم مديرا للتلفزيون. كلا الرجلين لديهما تحالفات سياسية خارج المجموعة، وهما من الجماعة الفاعلة في المجلس اليعقوبي الآنف الذكر.
محمد المختار ولد إياهي لديه تجربة سياسية في حركة الكادحين التي كان رمزها المؤسس هو ابن عمه المرحوم محمد لمين ولد سميدع.
وكان المختار ولد محمد موسى مستشارا لولد الطايع، وسفيرا في الإمارات العربية المتحدة، ثم وزيرا للتوجيه الإسلامي عن حزب تواصل في المكومة التوافقية التي أشرفت على الانتخابات الرئاسية 2009.
وعمل ملعينين ولد المختار النش سفيرا لولد الطايع في العديد من السفارات الأوربية، ويعمل الآن نجله فؤاد مديرا مساعدا لديوان الوزير الأول.
كما تقلد الشقيقان أبناء آب : محمد عبد الله (بلاهي)، ومحمد، وظائف سامية في عهد ولد الطايع، كإدارة المكتب والوطني للإحصاء، وإدارة التخطيط، وإدارة المركز الوطني للسياسات، وكان الأول عضوا في البرلمان عن دائرة نواكشوط.
وفي فترة لاحقة عين المهندس الزراعي باب ولد الصوفي مديرا لمشروع بيديام مكافأة له – فيما يبدو – لانسحابه من حزب التكتل المعارض، وانخراطه ضمن جماعة من الأطر في الحملة الداعمة للرئيس الحالي.
ويسعى ولد الصوفي الأن بالتنسيق مع أحمدو ولد أياهي، وفؤاد ولد المختار النش، وأمانة الله، ضمن جماعة من أطر العكبة وتفريت، تشكلت في خضم الحملة الداعمة للتعديلات الدستورية الأخيرة، إلى فتح قنوات اتصال جديدة مع النظام من أجل الرفع من الأداء السياسي للمجموعة في التعاطي مع الشأن السياسي.
وفي الجانب العسكري كان النقيب ملعينين ولد حماه قائدا لمركز الموسيقى العسكرية قبل تعيينه ملحقا عسكريا في الصين، وقد عين مؤخرا العقيد عبد الله ولد حدو قائدا للمنطقة الثالثة بعد توليه إدارة مركز التكوين في أكجوجت، وهو عسكري غير منخرط في العمل السياسي.
هذا فيما يتعلق بالمناصب الحكومية، أما الوظائف الانتخابية فقد فاز المختار ولد محمد موسى عبر حزب تواصل بعضوية البرلمان الحالي في لائحة نواكشوط، وحصلت الرفعة بنت الشيخ الحسن على عضوية مجلس الشيوخ من خلال الترشح المستقل، وبقيت في ذلك المنصب إلى ان تم حل المجلس بموجب التعديلات الدستورية الأخيرة.
كما تحصلت المجموعة في السابق على منصب نائب لمحمد عبد الله ولد آب (بلاهي) في نواكشوط، وعمدة توجنين مرتين إحداهما لمحمد لمين ولد محمد موسى من خلال حزب ولد داداه، والأخرى لأحمد كوري ولد امينة من خلال الحزب الحاكم، بدعم من المجلس اليعقوبي.
وهنالك شخصيات تمارس السياسة من خلال الحركات السياسية التقليدية خارج الإطار القبلي، من بينهم أحمد ولد الطلبة، وعبد الله العتيق ولد اياهي في الحركة الناصرية، وأحمد ولد حباب في حزب اتحاد قوى التقدم، ومحمد الأمين ولد المختار ولد محمد موسى وعقيلته فيله بنت أتفغ المختار في الحزب الإسلامي تواصل.
ولا نجد الآن أيا من أفراد المجموعة في وظيفة سامية مدنية أو عسكرية ذات قيمة سياسية تخوله القيام بدور التنسيق مع السلطة.
هذا الوضع جعل العديد من أطر المجموعة يعبرون بشكل علني في الاجتماعات العامة، وفي شبكات التواصل الاجتماعي عن شعورهم بالإحباط حيال ما يصفونه بضعف الأداء السياسي للقادة التقليدين.
واضح أن ضعف المشاركة والتمثيل الرسمي للمجموعة لدى الدوائر العليا للسلطة في الوقت الراهن، لا يتناسب مع وزنها في الخارطة السياسية للولاية.
الوزن
إذا ما أردنا قياس الوزن السياسي للمجموعة اليعقوبية في مقاطعة واد الناقة أو على المستوى الوطني، فلنا أن نأخذ بعين الاعتبار أمورا منها الوزن الاقتصادي لمجمع شركات أحمد سالك ولد ابوه وأدائها في الاقتصاد الوطني، تلك الشركات التي صارت في وضع أفضل بعد اكتمال مهمة بناء مطار نواكشوط الصعبة والفوز بالعديد من المناقصات الكبيرة في مجال البناء، ومنها أن المجموعة تمتلك قدرا كبيرا من الكفاءات العالية في مجالات الهندسة، والطب، والتعليم، والصحافة، تزيد من قدرتها على النمو المستدام، خارج الوظائف الحكومية المتحصل عليها من قبل السياسة.
ومنها الدور الريادي للقلاع العلمية الأصيلة، كمحظرة أهل عدود في أم القرى، ومحظرة أهل احمد الجواد في التيسير.
ضف إلى ذلك الارتباطات الروحية والاجتماعية الوثيقة مع الشيخ الرضى ولد محمد ناجي التي تتعزز باللحمة القوية بين مجتمع الشرفاء من أهل بدي وبطن أهل اشفغ موسى من اليعقوبيين على وجه الخصوص.
وهنالك الحجم الانتخابي والقدرة على الحشد، وكذلك المشاركة في مجال الإعلام.
يتركز المخزون الانتخابي – من حيث الكم – في قرية العكبة، ثم تفريت، مع إمكانية كبيرة للحشد ونقل الناخبين من نواكشوط عند الحاجة، في المواسم الانتخابية التي تشهد تنافسا قويا. لكن تعدد التوجهات السياسية داخل المجموعة، والحرية الكبيرة التي يتمتع بها الأفراد لتحديد اختياراتهم، أمور تربك القائمين على الحملات الانتخابية لصالح الحزب الحاكم، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار القاعدة الانتخابية لحزب تواصل داخل المجموعة.
أما المشاركة الإعلامية فتتمثل في كفاءات فردية عالية في مجال الصحافة.
محمد عبد الله ولد ممين مراسل العربية وقبلها العلم والجزيرة، محمد محمود ولد أبي المعالى مدير أخبار نواكشوط ومراسل الوكالة الألمانية للصحافة، محمدن ولد آكاه مؤسس موقع الحصاد وعضو اللجنة الوطنية العليا للسمعيات البصرية هابا، ومحمد لمجد ولد محمد لمين السالم كاتب ومنتج برامج تلفزيونية، عبد الله ولد اشفغ المختار كاتب صحفي ومؤسس جريدة “ش إلوح افش”، المختار ولد اشبيه مراسل الوكالة المصرية للأنباء، عبد العزيز ولد الصوفي مؤسس موقع الساحة، وآخرون فرضوا لأنفسهم بأنفسهم مكانة مرموقة في الإعلام الحر ومستقلة عن المجال الرسمي.
قلنا في البداية إن ولاية اترارزة مكتظة بالزعماء السياسيين والقادة الذين يتعدى طموحهم المستوى القبلي والجهوي إلى المستوى الوطني أو العالمي. من هؤلاء الشيخ محمد الحسن ولد الددو، القائد الروحي للتيار الإسلامي في موريتانيا الذي نشأ في محظرة أهل عدود اليعقوبية في أم القرى، ومنهم الزعيم السياسي للتيار المختار ولد محمد موسى، ومنهم مسعود ولد بلخير الزعيم التاريخي لحركة الحر، والرئيس الحالي لحزب التحالف، وهو الذي حافظ على انتمائه الاجتماعي للمجموعة اليعقوبية بفرعيها الشرقي والغربي: أهل الطالب عثمان (تغيلابه) في الحوض الشرقي، وأهل اتفاغ المختار في اترارزة ببلدة تيفريت، حيث اتخذ منزلا للإقامة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: