واد الناقة اليوم

أول موقع يجمع بين أخبار المقاطعة والوطن

أدب وتراث مقالات

كلمة الأديب والباحث محمدن ولد محنض بابه أمام وفد أهل الشيخ سعد أبيه

في مقام كهذا المقام المهيب الذي تطل علينا فيه الأقمار النيرة من حفدة غوث المسلمين وإمام العارفين المربين الشيخ سعد أبيه ، والدراري من مريديه ومحبيه تكفي الحال في التعبير عن ما يغمر قلوبنا من سعادة وفرح ، وهذا أبلغ في الترحيب والاحتفاء ، لأنها حال دامت منذ قدوم الشيخ سعد أبيه إلى هذه الأرض فتحولت إلى مقام .

 

بهذا المعنى يكون الترحيب بكم – أحبتنا الكرام – قديما جديدا ، وتتجاوز مكانتكم في قلوبنا الزمان والمكان ، ولاتفي الكلمات في هذا المقام / الحال بما يجب أن يقال مهما كان تأثير الحرف ومهما بلغت قوة تصريفه في مقام جميل من مقامات البسط يستدعي أسمى معاني الترحيب والحفاوة بكم…

 

يفني الكلام ولا يحيط بوصفكم

 

  أيحيط ما يفني بما لا ينفد

 

 

 

إن تلبيتكم لهذه الدعوة لترجمان صادق لمحبة وعلاقة تجمعنا في الله ورثناها معا عن سلفنا الصالح ، وندرك مثلما تدركون أنه من الواجب إحياؤها وتعهدها حتي يجني الجميع ثمرتها المحققة المتمثلة في بذل الخير وتزكية النفوس .

 

 

حين يفتح الله لعبد من عباده بابا من أبواب الحكمة أو يسوق إليه نفحة خير من عطاء غير مجذوذ يلهمه برشده ، ويسعده بمدده ، ويخلع عليه من جلابيب المحبة والقبول ما يجعل النفوس تتعلق بصحبته ، والعقول تحار في حقيقته …

وحيث يلقي الله المحبة علي أحد خلقه تجري “عين الفتح” علي يده وفي ولده ، ويبصر بها من وراء الحجب لنور بصيرته ، وينقد بها معادن الناس من حوله ، لتقوم الحجة والبرهان علي أن هذه العين حقيقة في الجارية والباصرة والنقدية خارج النسق البياني المألوف .

ما بالك إذا كانت “عين الفتح” مطلع سعد من سعود دوحة الشرف ومصدر نور من مشكاة القطب الرباني/ الشيخ محمد فاضل بن مامين الممتد شعاعها من الغرب الإسلامي والصحراء الكبرى إلى منابع الأنهار الإفريقية وإلى مختلف أصقاع الدنيا …

 

سعد خير ذلك السعد الذي طلع من “عين الفتح” في الحوض الشرقي من صحراء الملثمين وأرض الرباط ، إنه الشيخ سعد أبيه بن الشيخ محمد فاضل الذي اغترف العلم من عين العلم لا من جريان العلم – كما يقول القوم – فاغترف العلم والحكم معا .

 

وأدرك بحكم الحقيقة أن الملك شيطان العالم والملكوت شيطان العارف والجبروت شيطان الواقف فكان من كمل الأولياء الوارثين مقام الغوثية ، ومن كبار العارفين الذين قلوبهم ترى الأبد وعيونهم ترى المواقيت ، بل هو من الأقطاب الموصوفين بالموطن الثابت في درجات الولاية ، وبالقدم الراسخة في مقامات النهاية ، وبمطالعة السر في عالمي الغيب والشهادة .

 

كوكب ساطع أضاء الإقليم كله ، ووهبه الله لهذا القطر الشنظوري فهدى به خلائق لا تحصي ، وعم نوره المغرب الأدنى والمغرب الأقصى فظل وجهة المريد وقبلة الزائر ، عديم الأشباه والنظائر كما يقول العلامة / محمد فال الملقب ببها بن محمذن بن أحمد بن العاقل رحمهم الله :

مطلع الغرب لاح ويحك فيه
سعد خير ينمى إلى كل سعد
نال ما نال في صباه ولما
قل لمن قال إن للغوث ندا
  سعد خير مذ لاح سعد أبيه
زاخر اليم أريحي نبيه
يعد عشرا مضت له من سنيه
أو شبيها في قطرنا أرنيه

وكما يقول العلامة المجدد/ باب بن الشيخ سيديا رحمه الله مخاطبا من سولت لهم أنفسهم أن يطفئوا نور الشيخ سعد أبيه ويأبي الله إلا أن يتم نوره :

حاسديه رويدكم قد تعبتم
من يكن من بني النبي انتسابا
وانتقاص تشبيه غير شبيه
ينتهي القول دون مبلغ حبر
  قصروا عن مداه يا حاسديه
واتباعا فإنه من بنيه
في العلى كلها بغير شبيه
كامل الفخر في الورى منتهيه

 

حقا هو الحبر كامل الفخر ، ذو المزايا الجمة والمؤلفات المهمة ذات النفع العميم و “المقصد الأسنى” ، رد الشبه والأباطيل فيها بسيفه القاطع ، و “أسنته النافثة” ، و “بذل وسعه” في الدين الذي هو “النصيحة العامة والخاصة” بما في ذلك “ردع الشيب والشبان” عن محارم اليد واللسان ، والسعي في المصالح ونشر السلم والأمان .

 

وقد حظيت منطقة إكيدي خاصة ربوع “النمجاط” منها بوجود وجود ذلك العباب الزاخر ، فلامس تربتها نوره ، ودعت لزيارتها من كل حدب وصوب حضرته وحضوره ، وكأن السمكة التي رسمت قديما علي شكلها خريطة إكيدي كانت علي موعد مع هذا البحر الذي لا ساحل له .

 

فكانت الشيم الفاضلة والسجايا العذبة وحسن التربية والسلوك علي موعد مع بعضها في تناغم وانسجام يعكسان طيب العلاقة وقوة النسيج بين المدرسة الربانية في النمجاط ، والبعد الإكيدي في العلم والأخلاق .

 

كرس الشيخ سعد أبيه حياته لنشر العلم وحفظ الدين والإصلاح بين الناس فقصده المريدون من كل مكان ، وربطته صلات قوية بأجلاء العلماء وأعيان الأمراء والشيوخ في عصره ، إلى أن نطق لسان حال الدنيا يوم صعدت روحه الطيبة إلى باريها قائلا:

لاغرو أيتها الدنيا الفانية – وأنت تندبين ذلك الغوث الغطمطم والطود الشامخ والإمام المجلي – أن تظل عيناك لشدة الحزن والأسى تبتدران

فدمعهما سكب وسح وديمة

 

  ورش وتوكاف وتنهملان

 

 

نحمد الله العلي العظيم علي وجودكم اليوم بيننا واستمرار ذلك العطاء المتميز وتجلي تلك الحضرة الربانية في أبناء الغوث الشيخ سعد أبيه ، وأحفاده فكلهم بمنزلة عليا دونها الجوزاء والسماك الأعزل ، ورثوا عن جدهم لواء الفضل والسؤدد …

من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم

 

  مثل النجوم التي يسري بها الساري

 

 

تغمد الله الشيخ سعد أبيه ومن قضى نحبه من دوحته الشريفة برحمته الواسعة وأدام ذلك العز ورعاه وحفظكم للإسلام والمسلمين .

 

طبتم أهلا ونزلتم سهلا

 

انواكشوط بتاريخ: 07/10/2017

 

 

                                          بقلم الأديب الباحث

                                      محمدن بن باب بن محمودا بن محنض بابه

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: